خاص بشبكة دعم المواهب : الحياة لوحة رسم Life just like a palette
تاريخ النشر : 19/2/2018
هذا المقال موجه الى الاطفال والشباب الموهوبين في الكتابة :
رواية القصص حاجة انسانية ، فالأصل في القصة هو خبر يروى للمشاركة في نشر اخبار مسرات او احزان او للتأثير على المتلقي تحذيرا او تطمينا أو اجتذابا للإهتمام او للاعجاب.
كل انسان هو قاص بالفطرة . تأملوا الطفل حين يتمكن من لغته وحين يبدأ في التفاعل مع المجتمع ، كيف يعود من المدرسة وهو يكاد ينفجر تلهفا لقص ماصادفه ومالم يصادفه من احداث واخبار، فهو يزيد من خياله او يضيف مواقف بطولية قام بها لم تحدث في الواقع.. تصوروا كم من الشباب والكبار ايضا يقضون ساعات في احلام يقظة يتخيلون انفسهم فيها وسط قصص وحوارات واحداث وقعت وكان ينبغي ان تكون نهاياتها مختلفة، او لم تقع.
وبما أن الحياة هي حركة متواصلة من الاحداث، فأينما وجد الحدث ، لابد له من رواة يروونه فتاريخنا الانساني عبارة عن قصص شفاهية ومدونة.
وفي القرآن الكريم "نحن نقص عليك احسن القصص" والمقصود اخبار الماضي تروى للاعتبار والاقتداء.
القصة اذن هي خبر عن حدث قد يكون واقعا او خيالا ولكنه يروى على انه حقيقة يمكن تصديقها، يرويها القاص للآخرين لابراز الجوانب المهمة التي يراها في الحدث .
حتى تروي قصة ناجحة يجب عليك أولا أن تتعلم كيف تستخدم أدوات رواية القصة والأدوات تختلف حسب وسائل الحكي. هناك الكتابة وهناك الصورة الفوتوغرافية الثابتة او المتحركة (الأفلام) أو الرسم بالفرشاة والألوان.
لو أردت الكتابة ، فأهم اداة هي إتقان اللغة التي ستكتب بها: العربية أو اي لغة أخرى.
حتى تتقن اللغة العربية مثلا، عليك أن تهتم بمتابعة دروس النحو لأنها ستعلمك التمكن من استخدام اللغة. وأيضا قراءة القصص او الروايات التي كتبها كتاب كبار. داوم على القراءة في أوقات فراغك ، فالقراءة تحببك باللغة وتعودك على تذوقها وإتقانها، وتعلمك كيف تكتب قصة قصيرة ، كيف تبدأها وكيف تستمر بها ثم كيف تنهيها.
أساليب كتابة القصة القصيرة تختلف، فلكل قصة اسلوبها الذي يناسبها ولكن يجب ان يكون للقصة بداية تمهد للشخصيات وللحدث ثم الحدث نفسه ثم الخاتمة.
القصة القصيرة زمنها قصير، فهي لا تحكي حياة كاملة وانما لحظة من هذه الحياة.
مثلا لو أردنا أن نكتب قصة عن تلميذة ذهبت الى الامتحان دون أن تحضر الدرس او تراجع المادة جيدا، وفي الامتحان جاءها سؤال صعب ، وكان أمامها إما ان تسلم الورقة وهي فارغة او تغش من زميلتها الجالسة الى جانبها. في النهاية اختارت ان تسلم الورقة فارغة وخرجت وهي سعيدة لأنها كانت صادقة ولم تغش حتى لو فشلت في الإمتحان.
هذه الفكرة تصلح لقصة قصيرة ، ولكن كيف تكتبها؟ يمكن أن تبدأ من البيت حيث تقرأ البنت بعض مواد الامتحان بدون تركيز أو تنشغل بمشاهدة التلفزيون حتى يغلبها النوم وفي الصباح تذهب الى المدرسة ويحدث ما ذكرناه الى النهاية.
هذه قصة اعتيادية : بداية وحدث ونهاية .
ولكن ايضا يمكن ان نبدأ القصة من البنت في قاعة الامتحان وهي تجد سؤالا لا تستطيع الاجابة عليه ، وتبدأ تتذكر كيف غلبها النعاس في البيت قبل ان تكمل تحضيرها للامتحان.
او حتى نبدأ القصة من النهاية وهي خارجة من الامتحان وفي طريقها الى البيت تسترجع بذاكرتها كل ما حدث لها.
اختلاف اسلوب الكتابة يرجع الى اختلاف شخصية الكاتب او رؤيته للقصة او رغبته في تجريب طرق جديدة.
حتى تكون القصة مؤثرة يجب ان تتضمن حوارا بين الشخصيات، او بين الشخصية ونفسها ، لا يكفي ان تكتب قصة في الزمن الماضي كأن تقول (كانت الفتاة تريد ان تستعد للامتحان ولكنها انشغلت عنه بالتلفزيون) بل يجب تصوير الفتاة وما يحدث لها بوقائع حية وكأنها تحدث امام القارىء، كما يفضل ان يذكر اسم الفتاة ووصف مفصل عن شكلها او ملابسها او حركاتها لتترك اثرا في القارىء، كأن نكتب:
(فتحت نادية كتاب التاريخ وقلبت أوراقه. وضعت القلم في وسط الكتاب ونهضت من مكانها الى المرآة . مشطت شعرها القصير، ونظرت الى نفسها وهي ترتدي فستانها الأحمر الطويل، وابتسمت . ثم عادت الى الكتاب وحاولت ان تقرأ ، لكن صوت التلفزيون جلب انتباهها. كان يعرض فيلما . تركت الكتاب مرة أخرى واستدارت للفرجة على الفيلم..).
أنصح من يريد كتابة قصة أن يكتب كل يوم قبل أن ينام بعض الاسطر عن ذكرياته في ذلك اليوم، حتى لو لم يحدث فيه شيء يستحق الكتابة. كتابة اليوميات تساعد هواة الكتابة على تحسين لغتهم وكذلك تدربهم على كتابة قصة بأحداثها وشخصياتها.
بثينة الناصري / كاتبة وقاصّة
خاص بشبكة دعم المواهب : الحياة لوحة رسم life just like a palette
صفحة المشروع التطوعي في فيس بوك